أسباب وعلاج تضخم الرحم

تضخم الرحم: الأسباب، الأعراض، التشخيص والعلاج

تُعدُّ مشكلة تضخم الرحم من الحالات الصحية التي قد تعاني منها النساء في مختلف الأعمار، وتشير إلى زيادة حجم الرحم بشكل غير طبيعي، مما قد يؤدي إلى حدوث العديد من الأعراض المرتبطة بالمسالك البولية أو الهضمية، كما قد تؤثر على الراحة اليومية للمرأة وجودة حياتها بشكل عام. يعتبر تضخم الرحم من الأعراض التي قد تكون مؤشرًا لمجموعة متنوعة من الأمراض أو الحالات الصحية التي قد تستدعي التدخل الطبي.

في هذا المقال، سوف نتناول بالتفصيل مفهوم تضخم الرحم، أسبابه، الأعراض المرتبطة به، سبل تشخيصه، علاجاته الممكنة، وكيفية الوقاية منه.

ما هو تضخم الرحم؟

تضخم الرحم هو حالة طبية تتمثل في زيادة حجم الرحم بشكل غير طبيعي. عادة ما يكون الرحم بحجم يشبه حجم ثمرة الكمثرى، ويقع في منطقة الحوض. ومع تضخم الرحم، قد يصبح حجمه أكبر من المعتاد، وقد يمتد إلى أسفل البطن أو إلى الجوانب. يحدث هذا التغيير في الحجم نتيجةً لعدة أسباب، وقد يترافق مع تغييرات في شكل الرحم أو مع تراكم الأنسجة.

يتفاوت حجم الرحم الطبيعي حسب عمر المرأة، حالتها الصحية، وحالة الحمل، حيث يكون أكبر أثناء الحمل. في حالة تضخم الرحم غير المرتبط بالحمل، يتطلب الأمر البحث في الأسباب المحتملة.

أسباب تضخم الرحم

توجد عدة أسباب قد تؤدي إلى تضخم الرحم، من أبرزها:

1. الأورام الليفية

الأورام الليفية هي أورام غير سرطانية تتكون داخل أو حول الرحم. هي واحدة من أكثر الأسباب شيوعًا لتضخم الرحم، وعادة ما تكون غير خطيرة، ولكنها قد تتسبب في ألم وحجم غير طبيعي للرحم. الأورام الليفية قد تكون صغيرة أو كبيرة، وقد تؤدي إلى مشاكل في الدورة الشهرية أو التبول.

2. التهاب الرحم (الرحم الحوضي)

يمكن أن يؤدي التهاب الرحم إلى تضخمه نتيجة العدوى التي تصيب الأنسجة داخل الرحم. قد تحدث العدوى بسبب الأمراض المنقولة جنسيًا أو بسبب عدوى بكتيرية، ما قد يؤدي إلى التهاب حاد أو مزمن.

3. زيادة في سماكة بطانة الرحم (فرط نمو بطانة الرحم)

هذه الحالة التي تُعرف أيضًا باسم “فرط التنسج” قد تسبب نموًا غير طبيعي لأنسجة بطانة الرحم، مما يؤدي إلى تضخم الرحم. في حالات معينة، قد يصاحب هذا التغير نزيف غزير أو غير منتظم.

4. الحمل

من أبرز الأسباب الطبيعية لتضخم الرحم هو الحمل، حيث يبدأ الرحم في التوسع لاستيعاب الجنين النامي. في حالة الحمل المتعدد أو الحمل الممتد لفترة طويلة، قد يكون الرحم أكبر من المعتاد.

5. السرطان

على الرغم من أن السرطان هو سبب نادر، إلا أن بعض أنواع السرطان مثل سرطان الرحم أو سرطان المبيض قد تتسبب في تضخم الرحم. في هذه الحالات، قد يصاحب تضخم الرحم أعراض إضافية مثل النزيف غير المعتاد أو الألم.

6. تكيسات المبيض

يمكن أن تؤدي بعض الحالات التي تصيب المبايض، مثل تكيسات المبيض، إلى تغييرات في حجم الرحم. قد تكون هذه الكتل حميدة في كثير من الحالات، ولكن في بعض الأحيان قد تتسبب في تغييرات غير طبيعية في شكل الرحم.

7. التغيرات الهرمونية

تؤثر التغيرات الهرمونية بشكل كبير في صحة الرحم. اختلالات الهرمونات مثل ارتفاع مستويات الإستروجين قد تؤدي إلى سماكة غير طبيعية في بطانة الرحم، مما قد يسبب التضخم. كذلك، تلعب الهرمونات دورًا في تكوّن الأورام الليفية.

8. مشاكل في الأنسجة الضامة

قد تشمل الأسباب الأخرى بعض المشكلات في الأنسجة الضامة مثل مرض الأنسجة الضامة، حيث قد يتسبب تضخم الأنسجة في تغيرات غير طبيعية في حجم الرحم.

أعراض تضخم الرحم

تختلف الأعراض المرتبطة بتضخم الرحم من امرأة إلى أخرى، وتعتمد بشكل أساسي على سبب التضخم وحجم الرحم. من الأعراض الشائعة:

1. ألم في أسفل البطن أو الحوض

الشعور بألم مستمر أو متقطع في أسفل البطن يعد من الأعراض الشائعة لتضخم الرحم، وقد يكون هذا الألم ناجمًا عن الضغط الذي يضعه الرحم المتضخم على الأنسجة المحيطة.

2. نزيف غير طبيعي

قد تلاحظ النساء اللواتي يعانين من تضخم الرحم زيادة في كمية النزيف أثناء الدورة الشهرية، أو حدوث نزيف بين فترات الحيض. قد يكون هذا النزيف ناتجًا عن وجود أورام ليفية أو سماكة غير طبيعية في بطانة الرحم.

3. مشاكل في التبول

من الأعراض المرتبطة بتضخم الرحم الشعور بالحاجة المستمرة للتبول أو صعوبة التبول، حيث يضغط الرحم المتضخم على المثانة.

4. الإحساس بالامتلاء أو الضغط في البطن

قد يؤدي تضخم الرحم إلى شعور المرأة بالإحساس بالامتلاء أو الضغط في البطن، وهو شعور غير مريح قد يؤثر على قدرتها على القيام بالأنشطة اليومية.

5. العقم

في بعض الحالات، قد يسبب تضخم الرحم مشاكل في الحمل أو العقم. حيث يمكن أن يتداخل الرحم المتضخم مع مرور الحيوانات المنوية إلى الرحم أو مع استقرار الجنين في حال حدوث الحمل.

6. آلام في الظهر أو الساقين

الضغط الذي يسببه الرحم المتضخم على الأعصاب أو الأنسجة قد يؤدي إلى الشعور بألم في الظهر أو الساقين.

تشخيص تضخم الرحم

لتشخيص تضخم الرحم، يقوم الطبيب بعدد من الفحوصات التي تشمل:

1. الفحص البدني

يبدأ الطبيب عادةً بالفحص البدني للكشف عن أي علامات غير طبيعية على الرحم، وقد يطلب فحصًا باليد عن طريق المهبل (الفحص المهبلي) لتحديد حجم الرحم.

2. التصوير بالموجات فوق الصوتية

تعتبر الموجات فوق الصوتية واحدة من أكثر الطرق فعالية لتحديد حجم الرحم وتشخيص وجود أورام ليفية أو تكيسات أو مشاكل أخرى.

3. الأشعة السينية أو الرنين المغناطيسي

في بعض الحالات، قد يحتاج الطبيب إلى إجراء فحص بالأشعة السينية أو الرنين المغناطيسي لتحديد المشاكل الهيكلية أو الأورام الكبيرة التي قد تكون سببًا في التضخم.

4. اختبارات الدم

يمكن أن تشمل اختبارات الدم قياس مستويات الهرمونات مثل الإستروجين والبروجستيرون. قد تُظهر هذه الاختبارات أي خلل هرموني قد يساهم في تضخم الرحم.

5. تنظير الرحم

إذا كان التضخم ناتجًا عن مشاكل في بطانة الرحم أو وجود أورام، قد يوصي الطبيب بإجراء تنظير الرحم لفحص الجزء الداخلي للرحم بشكل مباشر.

علاج تضخم الرحم

تتفاوت خيارات علاج تضخم الرحم حسب السبب الكامن وراءه وحجم الأعراض التي يعاني منها المريض، وتشمل العلاجات الممكنة:

1. العلاج الدوائي

• موانع الحمل الهرمونية: يمكن أن تساعد بعض الأدوية الهرمونية في تقليل حجم الأورام الليفية أو تنظيم الدورة الشهرية وتقليل النزيف.

• الأدوية المضادة للبروستاجلاندين: تستخدم لتقليل الألم المرتبط بتضخم الرحم.

• مضادات الهرمونات: في بعض الحالات، قد توصف الأدوية التي تثبط إفراز الهرمونات التي تسبب زيادة حجم الرحم.

2. العلاج الجراحي

• استئصال الأورام الليفية: في حالات الأورام الليفية الكبيرة، قد يتم إزالة الأورام جراحيًا.

• استئصال الرحم: في الحالات المتقدمة، قد تكون هناك حاجة لاستئصال الرحم كحل نهائي، خاصة إذا كان التضخم يسبب ألمًا شديدًا أو مشاكل صحية خطيرة.

3. العلاج بالتقنيات الحديثة

• التحلل بالموجات فوق الصوتية: تقنية جديدة تهدف إلى علاج الأورام الليفية باستخدام الموجات فوق الصوتية المركزة.

• الانصمام الشرياني: إجراء يتم فيه إغلاق الأوعية الدموية التي تغذي الأورام الليفية لتقليص حجمها.

الوقاية من تضخم الرحم

في حين أنه لا يمكن دائمًا الوقاية من تضخم الرحم، إلا أن هناك بعض التدابير التي يمكن اتخاذها للحفاظ على صحة الرحم والحد من خطر الإصابة بالحالات التي قد تؤدي إلى التضخم:

• ممارسة الرياضة بانتظام للحفاظ على صحة الدورة الدموية والهرمونات.

• التغذية السليمة والابتعاد عن السمنة التي قد تؤثر على مستويات الهرم